الثلاثاء، 1 ديسمبر 2009

مجالات لا أخلاقية لتحديد وتنظيم النسل (التعقيم- الاجهاض المتعمد)

التعقيم Sterilization
التعقيم البشرى هو الخطوة النهائية لمنع الحمل بطريقة فعالة ، وفى السنوات الأخيرة أخذ التعقيم يلعب دورا رئيسيا فى برامج منع الحمل فى كثير من بلدان العالم . فهو مباح قانونيا فى الولايات المتحدة ولايشترط الا موافقة المريضة والجراح على أجراء هذه العملية الجراحية شأنها فى ذلك شأن العمليات الجراحية العادية والأختبارية Elective والتعقيم هو الوسيلة الوحيدة التى تدمر قدرة الفرد ووظيفته الطبيعية فى الإنجاب والتوليد Reproductive Function وهو يطبق على الذكر والأنثى على السواء .


أولا: عمليات التعقيم الخاصة بالأنثى
1ـ ربط أو قطع أجزاء من بوقا فالوب أو استئصال البوق كله.
2ـ استئصال الرحمHysterectony
3-التعقيم بالأشعاع.


ثانيا: التعقيم فى الذكر
1ـ ربط وقطع الحبل المنوىVasectomy
2ـ استئصال الخصيتين (فكرة غير مقبولة على جميع المستويات).


الأعراض الجانبية لعمليات التعقيم

1ـ ازدياد الطمث Monorrhagia قد تصاحب ربط الأبواق وقد استدعى استئصالالرحم فى 10% من حالات ربط الأبواق لأسباب متفرقة .

2ـ بعد ربط الحبل المنوى لوحظ ارتفاع طفيف فى نسبة مضادات الحيوانات المنوية فى الدم ، ولكن افراز الحيوانات المنوية أو الهرمونات الجنسية لم يتأثر بعملية الربط ، وظل على معدله الطبيعى فى الجسم .

3ـ المخاطر الجراحية

4ـ الأضطرابات النفسية

5ـ الفشل


الاجهاض المتعمد:Induced Abortion

بالرغم من أن الأجهاض كان يعتبر أمرا محرما من أيام أبو قراط حتى ميثاق جنيف، ويجب قصره فقط على الأسباب الطبيعية البحته الا أن القوانين التى سنت فى معظم بلدان العالم مؤخرا أصبحت أكثر أتساعا بالنسبة لتنفيذ الأجهاض ، بل قد أبيح كلية فى بعض البلدان واباحة الأجهاض يعتمد على الآتى :-

1ـ الغاء الأجهاض الأجرامى .

2ـ رفع الأعباء المالية والأقتصادية عن كاهل المرأة غير المتزوجة التى تسببها ولادة طفل غير شرعى لها .

3ـ تجنب ولادة أطفال غير مرغوب فيهم مما يؤدى إلى اهمال ذويهم لهم .

4ـ تخفيض عدد الأطفال غير الشرعيين فى المجتمع .

5ـ أباحة وسيلة إضافية من وسائل منع الحمل والتخطيط الأسرى .


ولكن حتى الآن مازال هناك جماعات تعارض الأجهاض وتعتبره وسيلة لا أخلاقية غير مقبولة وما زالت هناك الكثير من البلدان التى تمنع الأجهاض بقوة القانون أو تبيحه فقط فى حالات الضرورة الطبية.

وبذلك تعددت آراء الجماعات بالنسبة للأجهاض .

أ ـ قسم يحرمه إلا فى الحدود الطبية الضيقة .

ب ـ قسم يوسع الأباحة الطبية لتكون أشمل وأعم .

جـ ـ قسم يبيح الأجهاض على أسس اجتماعية وأقتصادية .


المجهضات الكيميائية:

تتم باستعمال مركبات البروستاجلاندين أو قرائنها المشابهه فى الثلاثة أشهر الأولى من الحمل بغرض الأجهاض ولكن نتائجها مخيبة للآمال وغير مشجعة فى الوقت الحالى . ولكن تستعمل هذه المادة الآن فى المستشفيات كعامل مساعد على الانقباضات الرحمية فى حالات الأنهاء المتأخر للحمل . كما استعملت العقارات المضادة للسرطان كقاتلة للجنين والمشيمة فى أشهر الحمل الأولى .


التشخيص قبل الولاده واجهاض الأجنة.
نجح علماء الطب ـ فى السنوات ـ تشخيص أمراض معينة من أمراض الطفولة الخطرة، قبل أن يولد الطفل المصاب . ويتم هذا عن طريق ادخال ابرة فى الرحم الحامل ، وأخذ عينة من السائل " السلى " المحيط بالطفل . وهذا الأسلوب الفنى يسمى amniocentesis. ويحتوى السائل على خلايا عائمة من خلايا الجنين . أما تشخيص الأمراض المعينة ، فيتم إما بالفحص المباشر للسائل ، أو بتربية تلك الخلايا لعدة أسابيع فى مزرعة من الأنسجة . ويلى ذلك إجراء الدراسات المناسبة ، أما على كروموسومات الخلايا ، أو على المواد الكيميائية المتراكمة فى الخلايا .


ولكن عندما يتم اكتشاف مثل هذه الأمراض ، ماذا يستطيع الطبيب أن يفعل؟ لسوء الحظ ـ وباستثناء حالة واحدة ـ لايزال ادخال علاج داخل الرحم أمرا غير ممكن . ولكن اذا ما اكتشف المرض فى وقت مبكر من الحمل ـ وعندما يوافق ذلك تمنيات واعتقادات الوالدين ، والقوانين المحلية ـ يمكن اجراء عملية اجهاض علاجى . وبذا نوفر على الأم عبء رعاية طفل يعانى من مشكلة بالغة الخطورة . ولما كانت احتمالات عبء انجاب أطفال طبيعيين هى الغالبة ـ فى هذه الحالات ـ فيمكن أن تختار الأم أن تستبدل الطفل غير الطبيعى بآخر طبيعيا فى حمل لاحق.


وكما هو واضح ، فإن تلك التطورات العلمية تثير كثيرا من المشكلات الأدبية والعلمية معا . غير أن المسائل الخلقية والأدبية المثارة ـ بواسطة استحداث التشخيص قبل الولادة ـ ليست بمسائل جديدة بالضرورة . بل الأحرى أنها مسائل قديمة زادت من شدتها الإكتشافات الحديثة. وكما أن هذه المسائل القديمة لم تستسلم بسهولة، فكذلك ستكون المسائل الجديدة.


هذا العرض للمسائل ، سيوجه ـ بصفة أساسية ـ إلى وضع صيغة لها ، وليس إلى محاولة إيجاد حلول لها . ومن جهة أخرى ، فإن المناقش يبين موقفة عادة من الاسلوب الذى يختاره لانتقاء مادته وتنظيم تقديراته .وفى هذا الخصوص يثار التساؤلات التالية :

(1) من الذى سيقرر المسائل الاخلاقية الأدبية التى يثيرها التشخيص قبل الولادة ؟

عندما نشرع فى المناقشة ، سيكون أول الأسئلة هو ما اذا كان العلماء هم الفريق الصحيح لاتخاذ هذه القرارات . ان فئات المجتمع الاخرى لتبدى عدم رغبتها فى السماح للعلماء باتخاذ القرارات الخلقية والأدبية للمجتمع بمفردهم. وفى هذه الحاله بالذات ، يتضح تماما أنه ليس من حق عالم الوراثة أو الطبيب وحدة تقرير المسائل التى يثيرها التشخيص قبل الولادة . ويتضح الاعتراف العام بهذا الواقع من اهتمام ممثلى الدين و القانون والحكومة بهذا الموضوع بل ان الاعتراف الضمنى بمواجهة مسألة اجتماعية لا بالضبط كيفية مواجهة المجتمع لهذه المسألة . وهذا ما يضفى مزيد من الغموض بخصوص كيفية توصل المجتمع الى موافقة الأدبية والأخلاقية .


وأوضح مسألة أخلاقية متعلقة بالتشخيص قبل الولادة ، تتناول اجراء الاجهاض ، لأن الجنين " غير طبيعى"على نحو ما . وهنا يتطور الرأى العام بسرعة مذهلة . فمنذ بضع سنوات، تحركت عدة ولايات لتبديل قوانينها القديمة الخاصة بالاجهاض ، واحلال "قسم الاجهاض" بقانون العقوبات النموذجى ـ الذى سنة معهد القانون الامريكى ـ محلها . وكان هذا بمثابة تقدم حقيقى فى وقته .فان هذا القسم من قانون العقوبات النموذجى يقرر أسسا للاجهاض القانونى، هى الحمل الناتج عن اغتصاب ، أو غشيان المحارم ، أو حيث يوجد خطر حقيقى من عيب أو نقص خطير . ولكن ثلاث ولايات هى (هاواى ، وألاسكا ، ونيويورك ) أقرت ـ قوانين تجعل قرار الاجهاض مجرد موضوع يخص المرأة وطبيبها . وتنظر عدة ولايات أخرى فى اتخاذ اجراءات مماثلة .


ومنذ عدة سنوات ، اقترحت ـ اثناء مناقشة تنقيح قوانين الإجهاض لاقرار " الخطر المادى الجوهرى " المحتمل بصدد " العيب الخطير "ـ كمبرر قانونى للاجهاض ـ أن الأمر يتطلب بضع سنوات من الممارسة الطبية لتحديد معنى كلمتى " جوهرى" و" خطير " ، وأن الطبيب سيتعرض لمقدار من المضايقة القانونية فى هذا الموضوع ، من جراء لوائح التفويض ولوائح الاسقاط . ان التشخيص السابق للولادة سيمكننا ـ فى الحالات التى يتزايد فيها احتمال انجاب طفل معيب ـ من تحويل الاشتباه الى التأكيد بوجود " عيب خطير " . . أى أن الطبيب يمكن أن يتأكد مما اذا كان الجنين طفلا معيبا أم طبيعيا . ولكن وصف " العيب الخطير " يبقى معلقا . وحتى فى الولايات التى يمكن فيها اجراء عملية الاجهاض بناء على رغبة الأم .و كثيرا ما تطلب المرأة ـ فى الحالات التى يكون السبب فيها عيب خلقى ـ ارشاد الطبيب المتخصص فى الوراثة ، وكذلك الجهات الدينية . فكل أم تريد طفلا أقرب ما يكون الى الكمال، ولكن كلا منا غير طبيعى فى شىء ما ، والطريقة التى يعرض الطبيب بها الوضع تؤثر بالتأكيد على القرار . ومن الغباء الادعاء بأن الوالدين ـ المتأثرين عاطفيا والعديمى الخبرة طبيا ـ يستطيعان اتخاذ القرار من تلقاء نفسيهما .


ومن الملاحظ أن الجمعية الأمريكية لعلم الوراثة الانسانية يوجد بها لجنة للمسائل الاجتماعية . أما الكلية الأمريكية للتوليد و امراض النساء ، فليس بها لجنة كهذه ولعل تكوين لجنة مشتركة من هاتين الجمعيتين ـ مطعمة بالعدد المناسب من ممثلى الكنيسة والقانون والحكومة ، وبوسعها أن تجتمع على فترات ـ يؤدى الى اعداد قائمة بعيوب كتلك التى اذا ما سئل طبيب عن جواز اجراء عملية الاجهاض بسببها يستطيع أن يجيب بنعم . ولن يكون لهذه اللجنة ـ بالطبع ـ وضع قانونى، ولكنها لن تفشل فى القيام بدور هام فى تحديد الاجراءات المقبولة . وأهم ما يسترعى الانتباه حاليا ، هو الحالات التى يرى معظم الناس ـ بوضوح أنها تستوجب الاجهاض . ولكن ثمة شك فمع مرور الوقت ـ سنجد أنفسنا نقوم بتشخيصات عريضة ، عندما يفتقر القرار الى الوضوح الكامل . ومن أوضح عيوب هذه اللجنة ، أن القائمة التى ستعدها سوف تعتبر تشخيصية وليست مجيزة ، وأنها ستتخلف عن ركب التقدم العلمى . غير أنه سيكون هناك على الأقل مجموعة واحدة ، تستند الى مناقشة متوازنة ، ولها برنامج لكل حالة اكلينيكية يمكن أن تصبح أساسا لعملية الإجهاض العلاجى .


(2)متى يعتبر الاجهاض قتلا للجنين؟

المسألة الأخلاقية الرئيسة فى تطبيق الاحتمالات التشخيصية ـ التى تنبع من عملية أخذ عينة من السائل المحيط بالجنين وزرع الخلايا ـ هى ، ببساطة : فى أية مرحلة من الحمل يصبح الجنين انسانا ، بحيث يثير وضع حد لحياته نفس المشكلة الأخلاقية التى يثيرها وضع حد لحياة أى انسان آخر ؟


إن كثيرمن الناس يستخدمون موانع حمل تتمثل فى حبوب تؤدى الى منع البويضة الملقحة من الالتصاق بجدار الرحم . وقليلون يمتنعون عن انهاء الحمل خلال الأسابيع الست الأولى ، اذا ما تأكد أن بالطفل تشوها خلقيا شديدا . ولسوء الحظ ـ بالنسبة لراحة بالنا ـ لا يأتى كثير من حالات الحمل ـ التى قد يثار حولها موضوع الإجهاض ـ . وقد تحتاج الدراسات الإكلينيكية الى ثلاثة أو أربعة أسابيع . ومن السهل أن نجد أنفسنا أمام الشهر الخامس ، مع علمنا بأن الولادة بعد شهر واحد ستنجب طفلا مبتسرا ،و تكرس حضانات خاصة لإنقاذ حياته.


ويمكن النظر الى الاجهاض المبكر بناء على التشخيص السابق ـ على أنه مقابل جديد لعملية قتل الاطفال ـ على أساس العيوب الخلقية ـ التى كانت تجرى فى الأزمة السالفة. ويبدو أن الانسان القديم ـ فى كافة أنحاء العالم ـ قد تنبه الى احتياجه لخفض انجابه ،وعندما فشلت امكانياته المحدودة فى تحقيق ذلك ، أخذ يمارس قتل الأطفال ، لاسيما المعوقين منهم . أن الأداء التناسلى الحديث لنوعنا ، الذى يقضى ـ بسبب ارتفاع نسب الانجاب ـ على عدد كبير من الأطفال بموت تعيس، وعلى كثيرين ممن يبقون على قيد الحياة، بالحد الأدنى من نظم التغذية . وبنمو جسمانى وعقلى غير كاملين . هذا الأداء مبنى على احترام لقيمة حياة الانسان يفوق ماكان يظهره اجدادنا القدماء. وفى هذا الضوء، تندمج الاهتمامات ـ التى عبر عنها "لوجون" ـ فى صورة أكبر بكثير تشمل كل مسئولياتنا نحو الجيل التالى، تلك المسئوليات التى بدأنا الآن فقط نتحقق منها .


(3) كيف نعقد الموازنة بين المخاطرة بالأم والجنين ـ من ناحية ـ ومنع المرض ، من جهة أخرى ؟

ان أخذ عينة من السائـل المحيط بالجنين اجراء مأمون نسبيا . ولكن حتى الحقن الروتينية تحيق بها مخاطرات معينة. ولايزال اجراء هذه العملية خلال الشهور الثلاثة الاولى من الحمل أمرا حديثا ، ولاتوجد ـ الى الآن ـ بيانات دقيقة بخصوص مضاعفاتها.والدراسة الرئيسية حتى الآن ، هى التى أجراها نادلر وجربى، اللذان لم يصادفا أية زيادة ملحوظة فى الأخطار المهددة للأم أوالجنين فى 162 عملية من هذا النوع .غير أن بعض المضاعفات بالنسبة للأم أو الجنين ، لابد أن تحدث فى أية مجموعة كبيرة من تلك العمليات ، ان عاجلا أو أجلا ، بما فى ذلك ـ بالنسبة للأم ـ المخاطر المتعلقة بالإجهاض المفتعل ، وتشابة المناعة . . وليس هذا سببا أوتوماتيكيا لهجر هذا الاجراء . ولكنه لايوحى بالحاجة الى موازنة المخاطر بالربح .


(4) كيف نعرف نوعا "جديدا" من عدم التأكد: مشكلة مجموعة أعراض XYY syndrome

ان الحالات التى ينظر فى أمر اجهاضا بعد الفحص السابق للولادة ، هى الحالات الخلقية . وما أن يتم تشخيص المرض فى داخل الرحم ، فان هناك تأكيدا بأن المرض سيظهر على الطفل . ولكن ماذا ينبغى أن يكون قرارنا عندما نكتشف ـ داخل الرحم ـ حالة بها مجرد اشتباه فى نتيجة غير مستحبة ، وبالتالى احتمال لاشك فى أنه يتأثر بمتغيرات كثيرة يصعب فهمها ؟ لعل أفضل مثال هو الذكر YY . فالذكور ـ من هذا النوع ـ اثنان من "كروموسوم "Y " بدلا من واحد . والأدلة الحالية تشير الى أن هؤلاء الاشخاص لديهم ميول عدوانية اجرامية بشكل غير طبيعى ، يؤدى بهم الى المؤسسات الخاصة بهم . والى أن تتم الدراسات اللازمة على نطاق واسع ، فاننا لن نستطيع تحديد مدى القابلية لهذا السلوك . كما أننا لا نعرف حتى الآن كم يبدى من هم خارج المؤسسات منهم سلوكا فى حدود القانون ، ولكنهم يكونون مشكلة اجتماعية واضحة .وفى انتظار الدراسات الضرورية ،ماذا نقول للحامل التى يوجد بها جنين XXY .


ان المشكلة الخلقية تزداد حدة ، لأننا لانعرف ما اذا كان "كروموسوم Y "الزائد هو السبب المباشر لمجموعة الأعراض لدى هؤلاء الأشخاص ، علما بأن علماء الوراثة ـ يميلون الى هذا الاتجاه . وفى تلك الحالات ـ التى تتميز بحال غير عادية مبكرة ـ فقد يرجع سبب العدوان ـ الى حد ما ـ الى الشعور الذى يثيره ذلك بالاحتياج الى القيام بأعمال تتناسب مع حجم الجسم .والقول بأن المجرمين من الذكور يميلون ـ بوجه عام ـ الى أن يكونوا أكبر فى الحجم من الذكور العاديين ، يعطى بعض التأييد لهذا الرأى .لهذا فان اقرار مجموعة أعراضXXY لايثير بطريقة حادة غير عادية ـ موضوع المسؤلية الشخصية وحدها وانما يثير أيضا موضوع مسئولية المجتمع بالنسبة للشخص الذى يكون ـ لأسباب وراثية أو بيئية ـ أكثر قابلية للسلوك المرضى (الباثولوجى) . والآن يمكن للمجتمع ـ بواسطة التشخيص قبل الولادة ـ أن يواجه هذه المشكلة فى بعض الحالات ، حتى قبل ولادة الطفل .


واذا ما أصبح الاجهاض مجرد مسألة بين المرأة وطبيبها ، فإن الحل الاسهل هو اقتراح أن يكون القرار للمرأة بعد أن تتلقى التوجيهات المناسبة . ولكن الطريقة التى يتم بها توجيه المرأة ستكون بلا مراء ذات الاثر الاقوى فى القرار الذى تتخذه . وقلما تختار امرأة أن تستمر فى حمل طفل قيل لها أنه قد يصبح مجرما .


وهنا نعود الى مشكلة تعريف " العيب الخطير" التى نوقشت من قبل ، ولكن فى مجال العيوب النفسية وليس فى مجال عيوب التمثيل الغذائى .


(5) ماذا سيفعل التشخيص قبل الولادة لمعدل التخلص من الجينات الكامنة الضارة؟

يشير علماء الوراثة ـ بوصفهم أكثر أعضاء المجتمع تدريبا على التفكير من خلال مستقبل الاجيال ـ الى ضرورة محاولة التنبؤ بما سيعنيه التشخيص قبل الولادة والإجهاض بالنسبة لاحتياطى " الجينات " فى المستقبل . الكثير من الحالات الموروثة الكامنة ـ والتى يوجة نحوها التشخيص قبل الولادةـ ملائمة لطول البقاء ، ولكن مع نسبة منخفضة جدا من الانجاب . وفى الماضى ، كان الطفل المريض عادة يبقى فى المنزل لفترة من الوقت ، ينعم بالمحبة والرعاية من الوالدين . فبجانب أنه سيساهم فى استكمال العائلة ، فان مثل هذا الطفل ـ كثيرا ما يؤدى الى انجاب أطفال اضافيين (للتعويض).ولنتأمل باختصار كيف يمكن لاستحداث التشخيص قبل الولادة أن يغير من ديناميكية الموقف، باستخدام الخاصية المرتبطة بالجنس كمثال .


ويمكن أخذ مرض الهيموفيليا hemophilia كمثال للخاصية المرتبطة بالجنس. فاذا سلمنا بعدم الانجاب لدى مرض الهيموفيليا الشديدة ـ وهذا حقيقى بالتأكيد ، حتى وقت قريب ـ اذن فقد كان يضيع فى الماضى من كل جيل ثلث الجينات الموجودة للهيموفيليا ، واستمرت نسبة الجينات فى الجيل الجديد عن طريق التحول الفجائى . فلنفترض الآن أن كل زوجين ـ فى المستقبل سينجبان طفلين فقط ، أحدهما ذكر والآخر أنثى ، وأن كليهما سيعيشان وينجبان ، فبدون التشخيص قبل الولادة ، سيكون لكل أم حاملة لمرض الهيموفيليا 50 % احتمال حدوث المرض فى أحد أبنائها ولن تنتقل جيناته الى الجيل التالى . ومن الجهة الأخرى ، هناك 50 % احتمال بأن تكون أية ابنة حاملة للهيموفيليا ، وبذا ستنتقل الأم لكل ابنة نصف جينات الهيموفيليا فى المعدل .


لنفترض كذلك أنه فى الأمكان اكتشاف جميع الأمهات الحاملات للهيموفيليا ، وأنه يمكن عن طريق فحص عينات من السائل المحيط بالجنين معرفة نوع الجنين (ذكرا أم أنثى )، وأن هذه الأمهات الحاملات للمرض سيختزن اجهاض جميع الذكور من أجنتهن لوجود احتمال 50 % لاصابتهم بالهيموفيليا . اذن سيكون لكل من هؤلاء الامهات ابنتان ، وفى المعدل ستنقل 0,1 % من جينات الهيموفيليا للأجيال القادمة عن طريق بناتهن . الآن ، لم تعد الجينات قابلة للانتخاب السلبى فى ثلاثة أجيال وستؤدى الممارسات الجديدة ـ فى ثلاثة أجيال بالاضافة الى نسبة التحول الفجائى المستمر ، الى مضاعفة تكرار الجينات . وهذا واحد من أكثر الأمثلة تطرفا التى يمكن ، وفى أغلب حالات الوراثة الأخرى ، سيكون نقل الجينات أقل وضوحا .


إن هذا المثال متطرف . فمثلا ، لن يمكن تحديد جميع حاملى المرض مقدما، ولكن إذا بدأ يظل قائما اذا ما تسنى اكتشاف الوالدين الحاملين للمرض بانجابهما لطفل مريض واحد فقط. والمثال يتوقف أيضا على التعويض التوالدى ـ أى الاستعاضة عن طفل يموت صغيرا بأخر يعيش ـ ولكن بالنظر الى حدوث مثل هذا التعويض ـ حتى فى مزارع الجينات ـ بنسب من التوالد تميل الى الارتفاع ، حيث يمكن اعتبارهذا أفتراض معقول بالنسبة لتلك الظروف . ومهما تكون وجهة النظر ، فان الإجهاض المبنى على التشخيص السابق للولادة ، بالاضافة الى التعويض التوالدى اذ يؤدى الى ابطاء فى التخلص من الجينات غير المرغوب فيها بدرجة لايمكن تقديرها بالضبط حاليا . وليس المقصود بهذا الكلام أن يكون باعثا للذعر ، فان هذه" الجينات " تتزايد ببطىء شديد ـ بسبب خواصها الضارة ـ بخلاف " الجينات " المرتبطة بالجنس .


ولا يختلف الموضوع الخلقى ـ الذى يثار هنا ـ عما يثيره أى اجراء آخر من الاجراءات التى تضعف الاحتياطى الجينى . ومرة أخرى ، يبدو دافعنا الانسانى كأنه يسبب اضطرابا للنظام المعقد الذى يحافظ على التوازن الوراثى بين التحول الفجائى والانتخاب .ولا يوجد بالطبع أى خطر مباشر يهدد باثارتنا لموقف حرج . ومن ناحية أخرى لابد من أن قدرتنا على ايذاء احتياطى الجينات ـ الذى لا نعرف عنه الا القليل ـ هى فى ازدياد مطرد ، كما هى الحال فى كل شىء آخر يتعلق بالعلم . وسوف يتوصل جيل من الأجيال الى العلم والحكمة لتمييز هذا الضرر وابتكار الوسائل لايقافة


(6) ماهى قيمة التشخيص قبل الولادة بالنسبة للسيطرة على المرض ؟

الموضوع الأخير يتصل بما يقولة ـ علماء الوراثة والعلوم المتصلة بها ـ للمجتمعات العلمية وغير العلمية بصدد أهمية التطورات فى هذا الميدان . وليس من شك فى أن القدرات الكامنة فى التشخيص قبل الولادة ، قد جذبت انتباه العامة . ولقد ظهرت مقالات متعددة فى الصحافة العامة ، تتزايد التساؤلات بخصوص تطبيق هذا المجال . ولعل الوقت قد حان لعمل حسبة بسيطة .


ان النوعين الاساسيين اللذين يمكن توجيه التشخيص قبل الولادة اليهما ، هما الأمراض الناتجة عن تشوهات كروموسومية بالغة ، والأمراض الناتجة من الإضطرابات الخطيرة فى عمليات الجسم الكيميائية الموروثة الكامنة . وبالنسبة للأولى ، فان أكثر مثال نعرفه منها يعرف بمجموعة أعراض "داون " Downs syndrome وهذا المرض يتميز بضعف عقلى شديد . وهذا راجع الى وجود كروموسومى اضافى . ويكثر حدوثة بين أطفال المولودين من نساء فوق سن الأربعين . ففى هذا السن ـ لدى الأم ـ يعانى واحد من كل سبعين من المواليد الأحياء من هذا المرض . وينصح الكثير من أطباء أمراض النساء وعلماء الوراثة باجراء فحص عينة من السائل المحيط بالجنين ، ودراسة خلايا الجنين فى مرحلة مبكرة من حمل كل أم فوق سن الأربعين . وعندما يكتشف طفل بهذا المرض فان الاجهاض يكون ممكنا . والتخفيض فى نسبة حدوث هذا المرض تصل الى نسبة30 % ـ اذا ما فضلت كل أم حامل بطفل مصاب به أن تجهضه


أما بالنسبة للأمراض الموروثة الكامنة ، فى الحالات التى لا يعرف فيها ما اذا كان الوالدان حاملين للجين الذى يؤدى لمولد طفل مريض ، فقد تمت احصاءات تشير الى أنه اذا ما وجه كل حمل فى المستقبل ـ لهؤلاء الوالدين ـ باجهاض الأطفال المصابين ، فستقل نسبة حدوث المرض بحوالى 12% وهذا انخفاض ملحوظ ـ بالطبع ـ ومع ذلك فسيظل العبء الرئيسى لهذا المرض كائنا معنا . اذا ما تعرفنا على الوالدين الحاملين للمرض قبل أن ينجبا ، واذا ما تمت دراسة كل حالة حمل فى مراحلها المبكرة ، فان احتمال السيطرة على المرض سيكون أكبر بكثير . ومن جهة أخرى ، فان اجراء برنامج فحص شامل للجميع لتحديد حاملى المرض سوف يصبح باهظ التكلفة ، وسيثير مساءلات معينة بالنسبة لموضوع " اقتحام الحياة الخاصة " اذن فمع ما لهذه التطورات من قدرات على اجراء تقدم هام فى مجال خفض نسبة حدوث أمراض معينة ـ كما ترى الأغلبية ـ فانها لاتعنى أن هذه الأمراض سوف تستأصل .


من الواضح أن الاحتمالات الكامنة فى التشخيص قبل الولادة تثير العديد من المشاكل ، التى لم نتعرض الا لبعض منها ، فمن الصعب فى هذه المشاكل ما هو جديد حقا . انها بالأحرى صورة وامتداد للمسائل التى ظل العلم الجديد والأساليب الفنية يثيرانها فترة بتزايد مطرد . ومن البوادر المشجعة على ادراكنا المتزايد لهذه المسائل ، أنه مع تطور التشخيص قبل الولادة تبين لنا الاحتياج الى وضع المشاكل الأدبية والخلقية المترتبة عليه فى اعتبارنا فى هذه المرحلة المبكرة.


النواحى القانونية لمنع الحمل

تأخذ القوانين المتبعة فى كثير من من بلدان العالم اتجاها من ثلاث : -

1- القيم الاجتماعية السائدة فى الأجيال السابقة .

2- اتجاهات المجموعة الحاكمة فى البلد .

3- اتجاهات تتماشى مع الاحتياجات الحقيقية للمجتمع .


وبالنسبة لوسائل منع الحمل فهذه الاتجاهات تنسحب عليها أيضا ، ولذا نجد ان الوسائل المتبعة ونظرة المجتمع تجاهها تختلف من دولة الى أخرى ، فالولايات المتحدة وأوربا الغربية تأخذ الاتجاه الأول ، أما الدول الاشتراكية فى أوربا وآسيا فتأخذ الاتجاه الثانى ، وبعض الدول النامية ( كالهند واليابان ) فتاخذ الاتجاه الثالث ، وعلى الطبيب الذى يمارس منع الحمل فى بلد ما ان يتاكد من القوانين المتبعة فى هذا البلد وان يحتفظ لنفسه بسجلات واضحة مفصلة وخاصة لعمليات التعقيم والاجهاض الطبى التى أجراها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي تعليقاتكم واستفساراتكم بشفافية وموضوعية تامتين

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.